الخميس , 05 ديسمبر 2024 - 4 جمادي ثاني 1446 هـ 6:51 صباحاً
ريتشارد توي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة إكستر ومؤلف كتاب البلاغة: مقدمة قصيرة جدًا.
اعتذر ذات مرة بليز باسكال، فيسلوف وعالم رياضيات من القرن السابع عشر، من طول رسالة أرسلها إلى أحدهم بأنه لم يجد وقتًا ليكتب رسالة أقصر منها.
كل إنسان قد طلب منه في بعض الأوقات أن يقدّم معلومات كثيرة في مساحة مخصصة وضيقة. فيحتاج حينئذ أن يملأ نموذجًا بكلمات محددة أو يكتب سيرة عن نفسه تكون فيها جميع مهاراته وخبراته. أو يكتب رسالة جماعية بالبريد الإلكتروني لزملاء العمل بأسلوب يحفزهم على قراءتها. لكن الكثير من الناس يقعون فريسة الإسهاب. إذ أنهم يكدسون الحقائق فوق بعضها بعضًا بدلًا من الحنكة في استخدامها أدوات لإقناع الطرف الآخر..فإبداع أفكارهم وعقولهم يكون مدفونًا تحت وطأة عباراتهم الخاوية. وعند قراءة هذه العبارات يتساءل القارئ منزعجًا: لماذا تخبرني بكل هذا؟
سأعرض عليكم عدة نصائح تساعدكم في تهذيب اللفظ، وتبعدكم عن السقوط في فخ الكلمات المبددة، أيّا ما كنت تكتبه، أهي أطروحة دكتوراة أو رسالة نصية إلى صديقك:
١- احسم الأمر.
قل ما تجب معرفته لا ما بودّك أن يتعرف القراء عليه. قل لهم شيئًا يتأملوا ويفكّروا فيه..
٢-لا تضيع وقت قرائك.
إن كنت تلخص لهم مستندًا فلا تجعلهم كأنما يقرؤون المستند كلّه. لا تجعل كتابتك مستودع خردة تلقي فيه كلّ دليل..بل استخدمها استخدامًا مضبوطًا لتوضح حجّتك.
٣- استثمر جهدك.
قد تحتاج إلى كثير من الجد لتبحث عن أدلة معينة لتثبت بعض ما تكتب، خاصة عندما يكون الموضوع موضوع جدل. غيرأن هذا لا يمكن تطبيقه في كتاباتك كلها باختلاف مواضيعها. تعلّم متى تكون الحاجة لسرد التفاصيل الطويلة أو الإشارة إليها ضمنيًا.لا تضف جميع التفاصيل الممكنة لأنك ترى أنها طريفة ومشوّقة، إن لم يكن لها فائدة كبيرة فاستغن عنها.
٤- الزم قاعدة الـ5%
أيًا كان ما تكتبه، أراوية عدد صفحاتها ألفا أو تغريدة، يمكن حذف 5% مما تكتب بلا خسارة كبيرة في المعنى، وربما كانت النسبة أعلى من ذلك.
إن جوهر نصيحتي يكون في تحديد الأولويات ومصلحة القرّاء، كُن مكانهم، وافهم حاجتهم ولا تضيّع وقتهم.
وأختم بهذه النصيحة: متى نفد ما تقوله، توقّف عن الكتابة.