السبت , 18 يناير 2025 - 18 رجب 1446 هـ 1:00 صباحاً
عن النوع الأدبي المحتوم لحقبة ما بعد الجائحة
لم تمض إلا ثلاثة أيام من فترة حجرنا المنزلي حتى التفت زوجي تجاهي وقال: "أليس من المحبط أن نعلم مسبقاً أن بن ليرنر سيؤلف أفضل رواية أمريكية عن هذا الحدث؟"، لكن صديقاً روائياً قال لي لاحقاً تلك الليلة في اتصال مرئي، "هل سيهتم أحد أصلًا للقراءة عن هذا الحدث بعدما ينتهي؟ لا أظن، لم أعد أحتمله".
وقد نشرت الكاتبة سلاون كروسلي مقالاً قصيراً في صحيفة التايمز عن عاصفة مقبلة من الروايات عن فايروس كورونا. حيث قالت: "وعلى الرغم من كون مخالب هذا الفيروس التاجي تتكشف لنا كل يوم، فإن الأمر للمؤلفين مجرد توثيق، ولكن ما الذي سيحدث عندما يبدأ كل كاتب بتدوين ملاحظاته عن نفس الموضوع؟ هل سنقدم جميعنا مسودات كتبنا تمهيداً لنشرها في نفس هذا الوقت العام القادم؟" إن في كلمات كروسلي تحذيراً من الكتابة عن المآسي قبل أن تنقضي تماماً. وهذا ليس رأيها فقط، فقد كتبت الروائية آمبر سباركس تغريدة قالت فيها "إذا كنت تكتب رواية عن فايروس كورونا، أرجوك توقف، انتظر عشرون عاماً" لكنني أعتقد أننا جميعاً سنكتب عنها على أية حال.
حسناً، قد نفعل ذلك وقد لا نفعل، ولكن دعونا نتخلص أولاً من بعض المفاهيم السابقة، رغم الدعاوى المستمرة بأننا نعيش الآن أوقاتاً طويلة من الفراغ، إلا أن الواقع يقول عكس ذلك. الكثير من الناس وبخاصة من لديهم أطفال والنساء تحديدًا، قل وقت فراغهم أكثر من السابق. ويغرد بعض الكُتّاب على تويتر بنية حسنة قائلين "دوّنوا ما تشعرون به كل يوم! ووثّقوا هذه الأوقات!" لكن ما لم يتوقعه أحد أن هذه الجائحة ستأتي بكل هذا العمل المنزلي! بل حتى من يجدون وقت فراغ قد لا يجدون الصفاء الذهني اللازم للإبداع والإنتاج خلال هذه الأزمة، وأنا هنا أتحدث من واقع تجربة، خصوصاً إن كان وقت الفراغ هذا بسبب فقد الشخص لعمله ودخله وهذا ما يحدث في أمريكا. فنموذج الفنان المعدم الذي يقدم الفن من أجل الفن ليس سوى أسطورة وطالما كان كذلك. فعندما تضطر للعمل طوال اليوم لتؤمن احتياجاتك الأساسية سيصعب عليك أن تكتب أعظم رواية أمريكية عن هذا الحدث في الساعة المتبقية لك قبل النوم، رغم أن تلك الساعة هي الأنسب للكتابة. وقد يساعد شرح هذا الوضع كثيرًا كسر الصورة الذهنية المترسخة عن حياة الأمريكيين البيض من أعلى الطبقة المتوسطة في المجتمع، سأكتب عن هذا الموضوع مقالاً لاحقًا، لكن الآن دعونا نفترض افتراضًا بسيطًا بداية كافتراض الكاتبة كروسلي بأن الكُتّاب كما تفرضه عليهم طبيعتهم سيستمرون بالكتابة عن هذا الحدث الآن وبعده. ماذا سيحدث إذا كتبنا وكيف ستبدو تلك الروايات؟ إننا لن نكتب جميعاً روايات موضوعها الرئيسي هو هذه الجائحة، وربما نفعل ذلك من حيث لا نشعر. "إن روايات ما بعد الجائحة قد تتشكل بعوامل فقدان الثقة في السلطة والنظام الرأسمالي وتقبل شيوع الفساد وعدم الاستقرار واحتمال الخطر المحدق الدائم وتشوه القيم".
من المعلوم أن الأحداث العظيمة والمؤثرة في التاريخ تنعكس على الفنون المنتجة بعد انقضاء تلك الأحداث، فقد ساعدت الحرب العالمية الأولى على الدخول في ثقافة الحداثة التقليدية، وألفت في تلك الفترة العديد من الكلاسيكيات الأدبية التي ناقشت موضوعات العنف والاضطراب الاجتماعي ولا تزال تقرأ واسعًا كروايات السيدة دالواي والأرض المفقودة ووداعاً للسلاح. أما الحرب العالمية الثانية فقد خلفت انفجاراً أدبياً، خصوصاً في أعمال الأدب الأمريكي والذي قد كان لتوه يبدأ انتشاره عالمياً وكذا بدأ الأمريكيون أيضاً قراءة الأعمال المترجمة من ثقافات أخرى، ولا تزال العديد من الكتب تنشر سنوياً تتحدث عن فترة الحرب العالمية الثانية. وأيضًا ما تلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فقد ألفت العديد من الروايات عن تلك الحادثة مع أن أغلب تلك الروايات كانت ضعيفة المستوى وقليلة التأثير وبعض منها يمكن وصفه بالجيد. ولعل مرور فترة زمنية أطول على تلك الأحداث يساعد في كتابة روايات أفضل. (وفي رأيي بأن أفضل عمل فني عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر هو النصب التذكاري المقام في منطقة جراوند زيرو في نيويورك إذ لا حاجة لكتابة شيء أكثر من تدوين أسماء الضحايا). لم تتسبب تلك الأحداث في أزمة اقتصادية فقط بل أزمة روائية كذلك، إلا أن رواية إيميلي ساينت جون مانتل (الفندق الزجاجي) تعد نموذجًا رائعًا فهي رواية جيدة جداً باستثناء الجزء الذي تتطرق فيه لفضيحة بيرني مادوف المالية بالاحتيال الهرمي المشهورة بمكيدة بونزي. فها نحن نرى روايات وقصص ألفت عن دونالد ترمب بدأت تنساب من حولنا إلا أن أغلبنا لم يعر لها بالاً بعد.
ومن تلك الأحداث التاريخية التي يمكننا المقارنة بينها وتحديدًا في أمريكا /نيويورك من مكاني الذي أكتب لكم منه هذا المقال، جائحة كورونا وأحداث الحادي عشر من سبتمبر. وكما أُخذنا على حين غرة في الحادي عشر من سبتمبر، باغتتنا جائحة كورونا كذلك دون سابق إنذار، ولكي أحدد أكثر، فقد باغتتنا جائحة كورونا لأن حكومتنا تجاهلت كل التحذيرات، وبينما كنا آمنين نمارس حياتنا الطبيعية ثم بين ليلة وضحاها أصبحنا منكسرين ضعفاء، فكما غيرت أحداث الحادي عشر من سبتمبر نظرتنا لأنفسنا ولدولتنا ولمجتمعنا فإن فايروس كورونا سيكون له نفس التأثير.
وعلى الرغم مما سبق فإن أحداث الحادي عشر من سبتمبر ليست نموذجاً مطابقاً تماماً لجائحة كورونا، فلا شيء يشبه هذه الجائحة ولم يشهد مثلها أحد من قبل. فالآن على خلاف الحادي عشر من سبتمبر كل من يعيش في هذه الدولة تأثرت حياته بهذه الجائحة، ولا أقول هنا أنهم لم ينعوا ضحايا تلك الحادثة، لكن حياتهم اليومية لم تتأثر تأثراً مباشراً كما تأثرت حياة سكان نيويورك. ولا يوجد في هذا الحدث عدو ظاهر كما في الحادي عشر من سبتمبر لتشن عليه حكومتنا حرباً شعواء (باستثناء العنصريين الذين سيحاولون اختلاق عدو ما). ولعل أيضاً من أهم الفروقات أن طبيعة فايروس كورونا مستعصية على الفهم ويصعب تصنيفها على العكس من أحداث ٩/١١. فهو حدث مربك جدًا، كانتخاب دونالد ترمب رئيساً، ومع هذا فمنطقيته أكبر من انتخابه. ومن يريد أن يقارنه بالأنفلونزا الإسبانية فله ذلك غير أن فايروس كورونا يصعب فهمه فتأثيره محاط بالضبابية حتى أن كل خططنا المستقبلية ألغيت بسببه وكأن الزمن توقف الآن فلا مستقبل.
جعلتني هذه الجائحة أفكر في تأثير الطبيعة علينا وما الذي قد يحدث إذا استمرينا في إنكار حقائق وتأثيرات التغير المناخي. وأخذتني أتذكر خلال الأسابيع القليلة الماضية ثلاثية المؤلفة إن كي جيميسن (الأرض المعطوبة)، والتي يقرر الكوكب فيها إنهاء البشرية، وتسعى الأرض ما بوسعها لتقضي على البشر، لكنهم في النهاية يتشبثون بالحياة. وهذا هو الشعور الذي يساورني الآن، لم يعد في وسع الطبيعة أن تتحملنا أكثر.
وأنا أذكر كل هذه الآراء الدقيقة والتي يستشعرها الجميع في ظل هذه الأزمة لأنها قد تظهر في روايات السنوات القادمة.
وقد بدأت المؤلفات عن فايروس كورونا تظهر، فعنوان أحد المقالات كان "معركة المؤلفين على نشر أكثر الكتب مبيعاً عن فايروس كورونا". ويبدو أن أبرز المرشحين للفوز بهذه المعركة المؤلف الأسكتلندي بيتر ماي الذي رفضت دور النشر عام ٢٠٠٥ نشر روايته في أدب الجوائح (الإغلاق الكامل) لكونها "خيالية بصورة مبالغ فيها"، لكنه نجح هذا الأسبوع في نشرها لأسباب لا تخفى على الجميع. وهناك أيضاً كتاب سلافوي جيجك (جائحة! فايروس كورونا يهز العالم، وكتب في دعاية الكتاب:
جائحة عالمية غير مسبوقة لا تترك شبراً على هذا الكوكب، ومن أفضل من الفيلسوف السلوفيني المؤثر سلافوي جيجك ليكشف لنا خفايا أبعادها ويمهد فهم تناقضاتها المدهشة وتخمين عواقبها المؤثرة بأسلوب يجعل القارئ يتصبب عرقاً وهو يشهق محاولاً التقاط أنفاسه؟
وقد تبرع جيجك بجميع عائدات الكتاب لمنظمة أطباء بلا حدود، ورغم أن هذا الكتاب ليس رواية لكنه حتى من المنظور اللغوي يبدو الوقت مبكراً لنشر كتاب عن هذا الحدث.
ومن الآراء السائغة أن أي كتاب يؤلّف أثناء أي حادثة لا ينجح، حيث غردت الكاتبة مويرا دونيجان على تويتر "إنني أفكر بكل الروايات السيئة التي ستؤلف عن فترة الحجر الصحي". وتتفق معها فيبي مورجان مديرة التحرير في دار النشر البريطانية هاربركولينز والتي غردت أيضاً "أنصح جميع كتابنا بألا يضيفوا مفردة (وباء) في رواياتهم الحالية. وذلك لأنني أعتقد أنه لن يكون هناك من يريد أن يتذكر هذا الوقت العصيب والقراءة سبيل نجاتهم من ذلك، ففن الرواية يبقى فن الرواية."
الثقافة في الأدب الإنجليزي متنوعة وليست كيانًا واحدًا، ولا تتقبل الكتب المؤلفة من كتاب مغمورين أو الكتب المترجمة إلا بصعوبة شديدة لكنها تصبح الآن أكثر انفتاحاً وتقبلاً وهذا جيد. ولكن لأنا نتحدث هنا عن الروايات وعن الأنواع الأدبية التي تتشكل بعد كل حدث تاريخي مفصلي، فإنني كما أرى، سيتوق الكٌتّاب والقراء على جميعهم خلال عام أو اثنين أو حتى ثلاثة إلى ما نتوق إليه الآن جميعاً، ألا وهو الهروب من الواقع والحلم بواقع أفضل من جهة، والبحث عن السلام النفسي من جهة أخرى، وقد يتأتى هذا الخلاص النفسي من هموم الكارثة في الروايات إما بأسلوب ساخر أو سريالي نقدي أو بأسلوب غير مباشر في الروايات الواقعية.
ربما قد تؤلف بعض الروايات عن أوبئة انتشرت في الماضي كالأنفلونزا الإسبانية التي عمت وطمت عام ١٩١٨م، أو حتى عن داء الدفتيريا الخطير. وقد تؤلف روايات تصف واقعنا الحالي مختلقة معاناة الشخصيات الروائية أو بموضوعاتها السياسية أو والاجتماعية الكبيرة عن الرأسمالية والفساد وأنها عوامل رئيسية لموتنا في هذه الجائحة، ومن المحتمل أيضاً أن تؤلف روايات متوسطة النقد والطرح عن الصعوبات الفردية خلال فترة العزل وعدم التواصل مع الآخرين من غير أية ارتباطات بموضوعات كبيرة. وعلى كل حال فإن هذه الموضوعات قد استهلكت الآن، ولكننا رغم ذلك قد نظفر من هذه الجائحة بروايات خالدة كرواية (شخصيات يائسة) لباولا فوكس ورواية (أيام التخلي) لإلينا فيرانتي.
في لقاء مع صحيفة لوس انجلوس تايمز صرحت جينيفر كارلسون، وهي وكيلة لنشر الأعمال الأدبية وشريكة في مؤسسة كارلسون وليرنر للأعمال الأدبية، قالت بأنها تتوقع إنتاجاً أكثر من الروايات الواقعية التي تصور الأوضاع الحالية الصعبة على المستوى العالمي والمحلي. وقالت أيضَا عن أسلوب الروايات بأنها تتوقع أسلوب الواقعية السحرية إذ يمتزج الواقع بالخيال والخروج عن الإطار التقليدي للأنواع الأدبية وهذا سيساعد كثيراً في تصوير العالم خلال جائحة كورونا.
وفي حديث مع طبيبي النفسي، قال إن هذه الجائحة لم تغير شخصيات أي من مرضاه إلا أن مشاكلهم النفسية السابقة احتدّت كثيرًا. وهذا يعني أننا مازلنا في دواخلنا كما كنا قبل الجائحة وقد نكون أفضل. فقد سلب منا روتين حياتنا اليومية من مقومات الرفاهية وعدنا إلى أنقى صور ذواتنا وأكثرها تجرداً. ولعل هذا يحدث أيضاً للرواية، فعلى الرغم من أن شكلها العام لن يتغير إلا أن تكثيف الوصف فيها سيزداد. وبما أنه يوجد لدينا مسبقاً أدب عن العزلة خصوصاً عن النساء اللاتي لا يكدن يتصلن بالعالم الخارجي لعدة أيام، وسيجعلنا ذلك نشعر بمعاناتهن بصورة أكبر، وهذا بالمناسبة ليس من باب التشكي، فمن بين جميع وسائل السرد المتاحة، يبقى الأدب أفضل وسيلة للتعبير عن خفايا الأمور ودقائقها، ومن الأفضل أن تواكب الروايات ضخامة هذا الحدث.
ولأن أدب أحداث الحادي عشر من سبتمبر أشبه نموذج بما قد يصدر عن جائحة كورونا، فإن أفضل الروايات عن تلك الأحداث صورت الجو العام للدولة في ذلك الوقت وتحديدًا مدينة نيويورك عوضاً عن تصوير الحدث نفسه. فرواية (سنة راحتي واسترخائي) للمؤلفة أوتيسا مشفق لم تكن تماماً عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر لكنها كانت عن شعورها ومعايشتها لذلك الحدث. وكما أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان لها تأثيراً بالغاً على الثقافة الأمريكية، إلا أنها غيرت حتى تعاطي وسائل الإعلام معها إذ تعرضت لتداعياتها وارتباطاتها ولم تتعرض لها مباشرة، وعلى الأغلب أن هذا سيحدث أيضاً مع جائحة كورونا، حيث سيطلق عليها روايات ما بعد جائحة كورونا وتناقش موضوعات انعدام الثقة في الرأسمالية والسلطة وتقبل وجود الفساد وعدم الاستقرار واختلال القيم.
وأتوقع أن تكون أفضل الروايات عن جائحة كورونا الروايات التي لا تذكر الجائحة إلا لماماً، لكنها في الوقت ذاته تتحرى غرائب أحداثها وثقل لحظاتها المملة على النفس والقلق والترقب المشوب بالشك الذي خلفته في أرواحنا عن المستقبل. فعلى سبيل المثال، من ذا الذي سيتصدر لتأليف رواية عن العروسين الذين احتجزا خلال شهر العسل على جزيرة في المالديف بسبب انتشار فايروس كورونا ولم يبق غيرهما في الفندق باستثناء طاقم الخدمة الذين لم يستطيعوا العودة لمنازلهم بسبب الحجر الصحي. كان سعر الغرفة في الليلة الواحدة يتجاوز ال ٧٥٠ دولاراً، ولذا كان الزوجان يُخدمان على أفضل وجه وتقدم لهم وجبات العشاء على ضوء الشموع، إلا أن أعباء الظنون والشكوك فيما سيحدث بعد ذلك أثقلت كاهل الزوجين. وإذا ألفت رواية عن هذه القصة لابد أن تكون بسرد شبه سريالي يوضح مشاعر الوحدة على تلك الجزيرة وتداعيات الرأسمالية والروتين الممل المتكرر وبيروقراطية القوانين والإجراءات الرسمية المبالغ بها وشعورهما بالغضب تجاه كل شيء وتدهور حالتهما النفسية. وقد يتداخل في تلك الرواية أكثر من خط سردي يعرض وجهات نظرة متعددة ما بين الزوجين وبعض موظفي الفندق. وقد تتضمن أيضاً فصلاً عن الفندق نفسه وكيف يمكن أن نرى الأحداث بارتباط الزمان والمكان. لا شك أن رواية كهذه ستكون ضمن أولوياتي في القراءة عن هذه الحادثة.
ونهايةً، قد تكون الإجابة بديهية لسؤالي المطروح هنا عن ارتباط قدر الرواية بأقدارنا وبأن أنواع الروايات التي ستكتب ستعتمد على ما سيحدث لنا خلال هذه الجائحة وأننا حتى هذه اللحظة لا نعلم يقيناً ما الذي سيحدث لنا. قد تستمر هذه الجائحة لأشهر ثم تختفي من تلقاء نفسها، وقد نجد لقاحاً بسرعة لعلاج المصابين وحتى إن وجدنا ذلك اللقاح فالأهم أن نتعلم كيف نحمي أنفسنا ومجتمعاتنا مستقبلاً من مثل هذه الجوائح، ولعل الأدب قد يساعدنا على فهم وتحليل هذه الحسابات المعقدة.
سيتجاهل العديد من المؤلفين تلك الأشهر القليلة في عام ٢٠٢٠م التي حجر فيها الناس في منازلهم وقضى الآلاف نحبهم. وآخرون سيترددون في ذكر دور الهواتف الذكية أثناء هذه الجائحة في رواياتهم لأنهم نشأوا على قراءة روايات كلاسيكية هي قمة الأعمال الأدبية لم تذكر فيها الهواتف الذكية وسيبدو ذكرها في رواياتهم مبتذلاً. قد تحمل لنا السنون القادمات أوبئة ومخاوف وصعوبات اقتصادية تجبرنا على أن نتلاءم معها شئنا أم أبينا، وقد نستطيع وقد لا، وما من خيار أمامنا إلا الانتظار لنرى.