الإثنين , 15 أغسطس 2022 - 17 محرم 1444 هـ 7:47 مساءً
عندما تنام في محيط غير مألوف، فإن نصف دماغك فقط ينال قسطًا من الراحة.
تقول يوكا ساساكي، الأستاذ المساعد في العلوم المعرفية واللغوية والنفسية في جامعة براون "يبدو أن الجزء الأيسر من الدماغ أكثر يقظة من الجزء الأيمن".
وتساعد النتائج المنشورة يوم الخميس في مجلة علم الأحياء الحالي (Current Biology) على توضيح سبب الإجهاد الذي يشعر به الناس عند النوم في مكان جديد، إذ تشير إلى وجود قاسم مشترك بين البشر والطيور وثدييات البحر، والتي كثيرًا ما تبقى نصف أدمغتها متيقظة بينما يغط النصف الآخر في نومٍ عميق.
اكتشف الباحثون في النوم "تأثير الليلة الأولى" منذ عقود عندما بدأوا بدراسة الناس في مختبرات النوم، لكنهم لا يأخذون الليلة الأولى في مختبر بعين الاعتبار إذ يكون النوم حينها غير هانئ.
لكن ساساكي أرادت أن تعرف ماذا يحدث بداخل الدماغ خلال الليلة الأولى، فأجرت مع فريق من الباحثين دراسة لأنماط موجات الدماغ على ٣٥ طالبًا من جامعة براون.
قاس الفريق ما يسمى بنشاط الموجة البطيئة، والذي يظهر خلال النوم العميق، وأثناء الليلة الأولى للطلاب في المختبر وجدوا بأن نشاط الموجة البطيئة في أجزاء معينة من النصف الأيمن من الدماغ كان أكثر مما هو عليه في الأجزاء المقابلة من نصف الدماغ الأيسر.
لكن بعد الليلة الأولى، تلاشى الاختلاف.
أجرى الفريق تجربتين أخريين للتأكد من أن نصف الدماغ الأيسر كان أكثر يقظة، أولًا جعلوا الطلاب المشاركين في تجربة النوم يستمعون إلى نغمة متكررة قياسية، متبوعة بنغمة واحدة ذات طبقة مختلفة.
يستجيب العقل لهذه "النغمة الشاذة" إذا كان الشخص مستيقظًا أو شبه نائم، وقد استجابت أدمغة الطلاب لها ولكن الاستجابة كانت في النصف الأيسر فقط.
ثم شغل الباحثون صوتًا عاليًا إلى الحد الذي يوقظ من كان نائمًا نومًا خفيفًا، فوجدوا أن الطلاب استيقظوا استيقاظًا أسرع عندما شُغّل الصوت في الأذن اليمنى إذ ترتبط بالجزء الأيسر من الدماغ.
يقول نيلز راتينبرغ، قائد المجموعة الباحثة في نوم الطيور في معهد ماكس بلانك لعلم الطيور في ألمانيا، بأن القدرة على إراحة جزء واحد من الدماغ لم تبرهن على البشر بعد، لكنها خدعة تستطيعها معظم الحيوانات.
كما يقول: "علمنا منذ فترة وجيزة بأن بعض الثدييات البحرية كالدلافين وبعض أنواع الفقمات وكذلك الكثير من الطيور تستطيع النوم بنصف واحد من أدمغتها في كل مرة"
أجرى راتينبرغ قبل عدة سنوات تجربة على البط يشير فيها إلى طريقة واحدة على الأقل يكون فيها النوم بنصف دماغ ميزة تطورية، وتتضمن التجربة وضع البط في صف- حرفيًا- ومراقبتها وهي تنام، وقد توصل راتينبرغ إلى أن البط الذي يقف في وسط الصف ينام دماغها كليًا مغمضة كلتا عينيها، "أما التي تقع في نهاية الصف فإنها تنام بنصف دماغ في كل مرة، وعندما تفعل ذلك فإنها توجه العين المفتوحة بعيدًا عن الطيور الأخرى كما لو أنها تترقب الحيوانات المفترسة القادمة"
يقول راتينبرغ أن الحيوانات المفترسة لم تعد معضلة كبيرة للبشر في وقتنا الحالي لكن العقل البشري قد تشكّل في وقت كانت الليالي فيه مظلمة ومرعبة.
يقول أيضًا "عندما ننام في بيئة جديدة ولا نعلم كم من المفترسات حولنا، فمن الطبيعي أن نبقي نصف أدمغتنا يقظة ومتنبهة للخطر في الليل."
تقول ساساكي أن الاستجابات العقلية عملية لا إرادية، ليس بوسع الناس فعل أي شيء لمنعها، حتى وإن كان لديهم عرض مهم في صباح اليوم التالي، لذا فقد يلزمهم شرب الكثير من القهوة حينئذ.