السبت , 18 يناير 2025 - 18 رجب 1446 هـ 1:05 صباحاً
عندما تنام في مكان جديد لا تألفه، فإن نصف دماغك فقط ينال قسطًا من الراحة.
تقول يوكا ساساكي، الأستاذ المساعد في العلوم المعرفية واللغوية والنفسية في جامعة براون "يبدو أن الجزء الأيسر من الدماغ أكثر يقظة من الجزء الأيمن".
وتوضح النتائج المنشورة يوم الخميس في مجلة علم الأحياء الحالي (Current Biology) سبب الإجهاد الذي يشعر به الناس عند النوم في مكان جديد، فتقول بوجود قاسم مشترك بين البشر والطيور وثدييات البحر فهي تبقى نصف أدمغتها متيقظة بينما يغط النصف الآخر في نومٍ عميق، وقد اكتشف الباحثون في النوم "تأثير الليلة الأولى" منذ عقود عندما درسوا أدمغة الناس في مختبرات النوم، مع أنهم لا يعدون الليلة الأولى في هامة لأن النوم حينها لا يكون تامًا.
لكن ساساكي أرادت أن تعرف ماذا يحدث بداخل الدماغ في الليلة الأولى، فأجرت مع فريق من الباحثين دراسة لأنماط موجات الدماغ على ٣٥ طالبًا من جامعة براون. قاس الفريق ما يسمى بنشاط الموجة البطيئة، والذي يظهر خلال النوم العميق، وأثناء الليلة الأولى للطلاب في المختبر وجدوا بأن نشاط الموجة البطيئة في أجزاء معينة من النصف الأيمن من الدماغ كان أكثر مما هو عليه في الأجزاء المقابلة من نصف الدماغ الأيسر. لكن بعد الليلة الأولى، تلاشى الاختلاف.
وأجرى الفريق تجربتين غيرها للتثبت من أن نصف الدماغ الأيسر كان يقظًا أكثر من الأيمن، فجعلوا الطلاب المشاركين في تجربة النوم يستمعون إلى نغمة متكررة متبوعة بنغمة أخرى مختلفة، فالعقل يستجيب لهذه "النغمة الشاذة" إذا كان الشخص مستيقظًا أو شبه نائم، وقد استجابت أدمغة الطلاب لها ولكن استجابتهم كانت في النصف الأيسر فقط. ثم أصدر الباحثون صوتًا عاليًا حد أنه يوقظ من كان نائمًا نومًا خفيفًا، فوجدوا أن الطلاب استيقظوا استيقاظًا سريعًا بسبب الصوت في الأذن اليمنى لأنها ترتبط بالجزء الأيسر من الدماغ.
يقول نيلز راتينبرغ، وهو قائد أبحاث الطيور في معهد ماكس بلانك لعلم الطيور في ألمانيا، بأن القدرة على إراحة جزء واحد من الدماغ لم تثبت عند الناس بعد، لكن تستطيعها معظم الحيوانات، ويقول كذلك "علمنا منذ فترة وجيزة بأن بعض الثدييات البحرية كالدلافين وبعض أنواع الفقمات وكذلك الكثير من الطيور تستطيع النوم بنصف واحد من أدمغتها في كل مرة"
أجرى راتينبرغ قبل عدة سنوات تجربة على البط يشير فيها إلى طريقة واحدة على الأقل يكون فيها النوم بنصف دماغ ميزة تطورية، وتتضمن التجربة وضع البط في صف ومراقبتها وهي تنام، وقد توصل راتينبرغ إلى أن البط الذي يقف في وسط الصف ينام دماغها كليًا مغمضة كلتا عينيها، "أما التي تقع في نهاية الصف فإنها تنام بنصف دماغ في كل مرة، وعندما تفعل ذلك فإنها توجه العين المفتوحة بعيدًا عن الطيور الأخرى كما لو أنها تترقب الحيوانات المفترسة القادمة"
يقول راتينبرغ أن الحيوانات المفترسة لم تعد معضلة كبيرة للناس في وقتنا الحالي لكن العقل البشري قد تشكّل في وقت كانت الليالي فيه مظلمة ومرعبة. ويقول أيضًا "عندما ننام في مكان جديدة ولا نعلم كم من المنغصات حولنا فمن الطبيعي أن نبقي نصف أدمغتنا يقظة ومتنبهة للخطر في الليل.
تقول ساساكي أن الاستجابات العقلية عملية لا إرادية، وليس بوسع الناس فعل أي شيء لمنعها، وإن كان لديهم عمل مهم في صباح اليوم التالي، فقد يلزمهم شرب الكثير من القهوة عندها.