الخميس , 03 أكتوبر 2024 - 29 ربيع الأول 1446 هـ 5:53 مساءً
الجهاز العصبي لهارييت كول
الجهاز العصبي المستخرج بدقة من عاملة التنظيف التي تبرعت بجسدها من أجل العلم في القرن التاسع عشر.
الجهاز العصبي لهارييت كول
عملت الأمريكية- الإفريقية هارييت كول في ثمانينيات القرن التاسع عشر عاملة تنظيف في كلية هانمان للطب , و بعدما توفيت بعمر الخامسة والثلاثين متأثرة بداء السل؛ قام د.روفس ب. ويفر أستاذ التشريح المقيم باستخراج جهازها العصبي بأكمله على نحو دقيق على مدار خمسة أشهر.
هذا التشريح قد يندرج تحت سوء استخدام السلطة الطبية ؛ إلا أنه بدا جلياً أن هارييت كول قد أعطت موافقتها مسبقاً لتشريح جثتها على يد الدكتور ويفر من أجل تطور وازدهار العلم ، ولكن ليس هناك ما يؤكد علمها من عدمه بما سيحل بجثتها أو بجهازها العصبي على وجه التحديد.
خلال تلك الخمسة أشهر من عام 1888 ؛ فصل د.ويفر واستخرج جهاز هاريت العصبي المحيطي من جسدها، وكانت هذه التجربة الطبية الأولى في فصل الأنسجة بلا مواد كيميائية ، تكررت هذه الطريقة بالتشريح ثلاث مرات فقط.
كانت الخطوة الأولى بعد عملية الفصل هي لف الأعصاب بضمادات لحمايتها، ثم دهن كل جزء بطلاء أبيض مصنوع من الرصاص، ثم بعد ذلك شكّل د.ويفر أجزاء الجهاز العصبي بترتيب يبدو للعيان كهيئة جسم الإنسان.
د.ويفر يشير إلى الجهاز العصبي لهاريت كول
وبالإشارة إلى كتاب تاريخ كلية الطب التجانسي في بنسلفانيا ؛ ذُكر فيه أن د.ويفر أخبر أحد أصدقائه الأطبّاء خلال رحلة له في المملكة المتحدة عن استخراجه لجهاز هارييت العصبي، لكنه لم يتطرق لخطوات التشريح بالكامل .
فكانت ردة فعل الدكتور" هل يعقل ذلك؟ هذا مستحيل، ولو كان معقولاً لفعلها أحد من قبل هنا في أنحاء المملكة المتحدة "
فرد عليه د.ويفر بهدوء" لهذا السبب أجريت، ولكن في الولايات المتحدة" هذه الإجابة بلا شك قد أزعجت ذلك الدكتور الإنجليزي المسكين بشدة.
بينما في المقابل كان الدكتور ألفريد هيث أكثر سخاءً وإعجاباً بإنجاز الدكتور ويفر حيث وصفه بـ " أعجوبة الصبر والمهارة في التشريح ؛ التي لم يسبق لها مثيل " وذلك في مقالة " التجانس العالمي " التي نُشرت في أغسطس عام 1892 .
كان الغرض الرئيسي من الجهاز العصبي أن يكون بمثابة وسيلة تعليمية لكلية الطب، وبالطبع نجح في تحقيق ذلك، كما أنه حقق نجاحاً واسعاً ونال إعجاب الكثير بعد نقله إلى المعرض الكولومبي العالمي في عام 1893 حيث حاز على ميدالية المعرض والجائزة العلمية الممتازة.
نُشرت صور الجهاز العصبي في مئات الكتب المدرسية والمختبرات والمكاتب الطبية في الولايات المتحدة وخارجها، ومازالت الكلية تتلقّى العديد من طلبات الصور حتى يومِنا هذا، وقد خضع لعدة عمليات ترميم على مدار هذه السنين، وكانت أهمها من قبل أخصائي القلب جورج جيلكر، خريج جامعة هانمان للطب في ستينات القرن الماضي.
كلية هانمان للطب عام 1898 تقريباً
محاضرة في كلية هانمان للطب عام 1898 تقريباً
يمتثل الآن الجهاز العصبي بكل مجد وشموخ داخل خزينة عرض زجاجية في مكتبة مركز الأنشطة الطلابية لكلية الطب في جامعة دريكسيل ( كلية هانمان للطب سابقاً) ولأسباب أمنية هناك حراسة عند مدخل المكتبة.
هارييت في الحاضر