الثلاثاء , 03 أكتوبر 2023 - 18 ربيع الأول 1445 هـ 8:46 مساءً
إن اللطافة ظاهرة اجتماعية ثقافية تعتني بمراعاة مشاعر الآخرين، وهي من المبادئ الاجتماعية الأساسية للتواصل بين البشر، وغايتها كما يقول لاكوف بأنها إدراك اللغة الاجتماعية أو التفاعلية لأنها نظام هدفه تسهيل التفاعل وتقليل الاصطدام في جميع أنواععلاقات الناس، وعلى أن اللطافة تتعلق بسلوك التواصل بين الناس، لكنني سأتطرق هنا إلى السلوك اللغوي تحديدًا.
يقول الباحثون بأن اللطافة سمة من سمات اللغة المستعملة، فعند براونوليفنسون ووليتش أهميتها كظاهرة تقترن بالسياق، ومن المسلّم به أن اللطافة سمة منتشرة عند التواصل بين الناس، فعلى أهميتها وضرورة انتشارها في الخطاب اليومي، إلا أن تطبيق ممارستها صعب جدًا. وقد قال توماس بأن هناك الكثير من الالتباس في معنى اللطافة في المؤلفات المنتشرة في السنوات الأخيرة الماضية، وقد نوقشت مع عدد من الظواهر التي يجب إبقاؤها منفصلة من جانب النظرية على النحو: (الأول) أن تكون اللطافة هي غاية العالم الواقعي، (الثاني) أن تعكس اللطافة الأعراف الاجتماعية.
سأناقش كل من هذه الظواهر على حدة:
أولًا: اللطافة غاية العالم الواقعي .
معروف أن اللطافة هي غاية عالمنا الواقعي، فهي تعني –من الناحية النفسية- الرغبة الصادقة في أن تكون "لطيفًا" مع الناس. ويتعلق هذا بالدافع الشخصي للمتحدث وحالته النفسية، ومعروف أن اللغويين لا يعبأون بهذه الدوافع ولا تجذبهم، لأنهم يستمعون لما يقوله المتحدث وتفاعل من يسمعه.
ثانيًا: اللطافة ونظرة الأعراف الاجتماعية
يقول فريزر: إن نظرة الأعراف الاجتماعية عن اللطافة تعكس قواعد ومبادئ اجتماعية وسلوكية معيّنة يتمسك بها مجتمع معيّن لكي يكون "مهذبًا" كحسن الخلق مثلًا، إنّ اللطافة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتحقيق أساليب الكلام وطرق التحدث الرسمية، ودائمًا ما يتساوى ذلك مع قدر الاحترام، لأنّ الاحترام خاص في بعض اللغات كاليابانية مثلًا، وهي من اللغات المدرجة في "لغات اللطافة"، يقول فريزر أن نظرة الأعراف الاجتماعية للطافة يتبعها عدد قليل من الباحثين الحاليين، ويقول واتسوغيره أن مجموعة كبيرة من البحوث غير الغربية (اليابانية خاصة) عن اللطافة توافق هذه النظرة، إن النظر إلى اللطافة مجموعة من الأنماط السلوكية المبرمجة مسبقًا كالأعراف الاجتماعية يقودنا إلى تطبيقها وممارستها عملًا اجتماعيًا واسعًا.