السبت , 18 يناير 2025 - 18 رجب 1446 هـ 12:10 صباحاً
إن مفهوم العقل البشري يكمن في جوهر نظرية التحليل النفسي. منذ مطلع نظرية سيغموند فرويد في أوائل عام 1900م، وعلى الرغم من التقدم الكبير في دراسة نظرية التحليل النفسي إلا أن أفكار فرويد الأساسية حافظت على الركائز الأساسية التي من خلالها تتشكّل وجهات النظر بشأن نظرية العقل البشري.
تتمركز نظرية فرويد حول الأمراض النفسية التي تؤدي إلى أمراض عقلية ضمن الموضوع المدروس، وتنص فرضيته على أن العقل البشري يحتوي على ثلاثة مستويات من الوعي أو الشعور، وهو المدخل لهذه الأمراض النفسية التي تؤثر على الناس، والتي لا يكفي الحديث عنها، إن العلاج الفعال لهذه الأمراض النفسية، العميقة الجذور هو التحليل النفسي.
في الرسم التوضيحي أدناه تقسيم فرويد لهذه المستويات الثلاثة والاستخدام المحدد تقريبًا لكل مستوى، وهي: الوعي، العقل الباطن، واللاوعي، وباتّحادهم معًا يصنعون عالمنا الواقعي.
ولمّا كان قبول نظرية فرويد للتحليل النفسي قد تدفقت وانحسرت مع مرور الوقت، فإن بعض المهنيين سيقترحون رفضه، فيتخلله النموذج أو المفهوم الذي قاوم العديد من الاختبارات على مرّ الزمن.
أصل الكلمة:
إن أصل معنى كلمة العقل يقدم تاريخًا طويلًا وغنيًا، على عكس العديد من الكلمات والعبارات الأخرى التي لا يوجد تطور واضح معطى لاستخدامها، ويعتمد معناه كثيرًا على السياق بدلًا من المعاني المفردة.
إذا تحدثنا من الجانب الفلسفي، فإن العقل قد يعني شخصية الناس، وهوياتهم، وذكرياتهم، وإذا تحدثنا من الجانب الديني، فإن العقل منزل الروح، علم الله، أما إذا تحدثنا من الجانب العلمي فإن العقل هو مولد الأفكار والمعتقدات، وقد حمّل العقل العديد من التسميات المتنوعة، التي كانت غامضة عند استخداماتها في بداية الأمر.
لم يكن هناك مبدأ عام للعقل يشمل جميع القدرات العقلية، والأفكار، والإرادة، والشعور، والذاكرة المتنامية حتى القرن الرابع عشر والخامس عشر.
ثم في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين نُقِل علم النفس إلى الصدارة كعلم له اعتباره، و يرجع ذلك إلى حد كبير لأعمال فرويد وغيره، والتركيز الواسع على العقل البشري، ودوره في العلوم السلوكية، والمسائل الوطيدة المتعلقة بالعقل والجسد وعلاقتهما، واليوم دائما ما يُناقش مفهوم العقل ووظائفه من وجهة نظر علمية تقريبًا.
العقل الواعي لفرويد:
وبما أن أفضل مفهوم للوعي هو إدراك شيء ما، ومدى قدرة الذهن على تصوّره، فإنه يبدو بسيطًا بما فيه الكفاية كي نحدد فقط الأحداث التي يمكن أن نتذكرها بوصفها أنشطة العقل البشري.
هناك تحديان لهذا الرأي: أولاً، هناك تقدير أن ما يقارب الـ 10٪ فقط من العقول يتكون عملها من التفكير الواعي. وثانيًا، هذا الرأي لا يفسر تلك الأحداث العشوائية التي تتكون داخل العقل.
الوظيفتان التي يمكن أن تعالج قدرات العقل الواعي هي:
1: قدرتها على توجيه تركيزك الخاص.
2: قدرتها على تخيل ما هو غير حقيقي.
مادام أنه يمثّل شريكا مهمًا في مثلث العقل البشري، فالعقل الواعي يكون لنا كجهاز الماسح الضوئي، يصوّر الحدث، ويتطلب استجابة معينة عليه، لكنه يعتمد على أهمية الحدث ذاته، حيث يخزّنه إما في منطقة اللاوعي، أو العقل الباطن، أو العقل البشري الذي تظل فيه الأحداث.
العقل الباطن لفرويد:
عقلك الباطني هو نقطة التخزين لأي من الذكريات الجديدة اللازمة لاستدعاء سريع، مثلًا: ما هو رقم هاتفك أو اسم الشخص الذي التقيته للتو، كما أنه يحمل المعلومات الجارية التي تستخدمها كل يوم، مثل الأفكار المتكررة الحالية، وأنماط السلوك، والعادات، والمشاعر.
إن الأساس في مفهوم العقل والجسد بالنسبة للعقل اللاواعي لفرويد هي كالعقول الموصولة بالذاكرة العشوائية (رام). "وهكذا يمكن اعتبار العقل اللاواعي مصدرًا للأحلام والأفكار التلقائية (تلك التي تظهر من دون أي سبب واضح)، ومستودعًا للذكريات المنسية (التي قد لا تزال متاحة للوعي في وقت لاحق)، ومكان المعرفة الضمنية (الأشياء التي تعودنا جيدا أن نقوم بها دون تفكير) .
العقل اللاواعي لفرويد:
العقل اللاواعي هو المكان الذي تقع فيه كل ذكرياتنا وتجاربنا السابقة، تلك الذكريات قمعت بسبب صدمة ما، وببساطة أدركنا نسيانها ولم تعد مهمة لنا، (الأفكار التلقائية) تلك الذكريات والخبرات التي شكّلت لنا المعتقدات، والعادات، والسلوكيات.
ويبين ما استعرضه التوضيح السابق أن اللاوعي يقع في طبقة عميقة في العقل أسفل العقل اللاواعي، فعلى الرغم من أن طبقتا اللاوعي والعقل الباطن متصلتان معًا بشكل مباشر ببعضهما، وتتعاملان مع ذات الأشياء، إلا أن العقل اللاوعي هو حقا كالقبو، مكتبة تحت الأرض إذا أردت، تحتوي على كل ذكرياتك وعاداتك وسلوكياتك، فهو مخزن لكل مشاعرك عميقة الجذور التي تبرمجت منذ الولادة.
نتعلّم من نظرية فرويد للتحليل النفسي هنا، أنها قد تحدث بعض التغييرات الضرورية في العقل اللاواعي، من خلال استخدام منهجية التحليل النفسي.
تعليق:
إن نظرية فرويد للتحليل النفسي وما يتعلق بها من أفكار متّصلة ببعض حالات الأمراض العقلية، ليست دقيقة. وقد أضاف علم النفس الحديث اليوم نظرية فرويد في العديد من الأفكار الجديدة في المجالات النظرية والتطبيقية.
وفي خضم الدعم الواسع والنقد اللاذع للتحليل النفسي، حدث تقدم كبير في استخدام نظرية فرويد كنهج صحيح للعلاج، إذا كنا بحاجة للحصول على وجهة نظر تاريخية مهمة حول علاج الصحة النفسية، فنظرية التحليل النفسي لفرويد تستحق الدراسة.