الجمعة , 17 يناير 2025 - 17 رجب 1446 هـ 11:51 مساءً
سيكون طول القنبلة الأنبوبية ثمان انشات وقطرها اثنين، معبّأة بشظايا زجاج مكسور وبعضاً من المسامير والبراغي، ستُعدّ هذه القنبلة بعد أن يواجه جيمي ريد أياماً عصيبة، وبعد أن يركله مات ليسي فيسقط فوق خزانته على وجهه، بعد أن تتحطم عدسة نظارته اليمنى ويلتوى إطارها، بعد أن تخدش المروحة رأسه من الجنب وتُخضَب بدمه.
ستصنع القنبلة الأنبوبية، لأن شقيق جيمي، فرانك، صنع مثلها مرة لينسف بها البطيخ والشمّام مع أصحابه في المقلع القديم أمام مرأى أخيه ونظراته الغريبة، لن يتجاهل فرانك فضول جيمي بل سيشبعه ويريه كيف يصنعها، سيعلمه كيف يجمع يديه الاثنتين نحو فتحة الأنبوبة ليحشوها بالحطام، ثم يقف مكتوف الأيدي ويتابعه كعامل يشرف على موقع بناء، وسيربت على ظهر جيمي بعد أن يغلق الأنبوبة ويقول له: انتبه لما تحمل.
ستنفجر هذه القنبلة الأنبوبية كما تنفجر غيرها من القنابل الأنبوبية في وقت مبكر، فعندما يمرر جيمي القنبلة -التي سيملأها بخليط يشتريه من روس بوكوفسكي الخبير بهذه الأمور- إلى خزانة مات ليسي ستنفجر في يده قبل أن تصل الخزانة، وستطير أصابع يده اليمنى مارّة بأذنه وستحط على البلاط اللامع مصدرة صوتاً خافتاً في الممر بجانب قاعة الأستاذ ديلوكا للرياضيات، ولسبب ما قبل أن يتغشى نظر جيمي السواد سيرى هذا المشهد كما لو كانت أمه تقطع له فراولة رطبة فتسقط شرائحها على الأرضية الشمعية في مطبخ المنزل، أما الأستاذ ديلوكا فسيظن أنه رأى شيئاً غريباً في حقيبة جيمي ولكن سينصرف نظره لأحد طلابه المتميزين فور أن يسأله سؤالاً، وسيكون المعلم أول من يحضر لمسرح الحادثة التي تصمّ الآذان خارج فصله. الأستاذ ديلوكا الذي انتخبه طلابه المخلصين للقب "أفضل معلم" لمدة ثلاث سنوات على التوالي، سيل صاحب لقب أفضل معلم لسنتين كذلك، ولكن قلبه سينصرف عن التعليم، وسيتقاعد مبكراً ويبدأ العمل في متجر "بارنز ونوبل" الذي يبعد مسافة أربعين ميلاً عن بيته، وعشاء زوجته سيبرد كلّما تأخر وطال وقوفه في حانة تانر.
لن تكون القنبلة الأنبوبية شيئاً سوى حطام معدني عندما تصل الممرضة الشابة من نيويورك، عاجزة عن كبح رجفة يديها بينما تحاول أن توقف شلال الدم المتدفق من يد جيمي وتردد "يا إلهي"، "يا رب"، "يا الله"، وستتخلى عن مهنتها قبل السنة الدراسية القادمة، تلك المهنة التي أمضت سنيناً تتدرب فيها، حاملة على كتفيها جبالاً من ديون تكاليف دراستها، وستعمل في حمل صناديق ثقيلة جداً مقارنة بعودها النحيف في متجر قطع غيار للسيارات حتى يكَلّ ظهرها وتبدأ بأكل مسكن "بيرسوكيت" كما لو كان حلوى النعناع، حتى يستوحشها أطفالها في الليل وهي مستلقية على الأريكة بذراعها الملتوية حول عينيها المتورمتين.
ستخلّف القنبلة الأنبوبية حفرة في الأرضية اللامعة أمام خزانة مات ليسي وستقصم الممر تماماً إلى نصفين، وبعد يومين ستمر ريني واترز مع داني أتلي فوق هذه الحفرة اللذين ما برحا عن مناقشة أمر جيميريد، سيحاول داني أن يبرر فعله بتوضيح معاناة المتنمَر به، أما ريني فستصرّ على موقفها الثابت وتقول: العنف ليس حلاً. سينفصل الثنائي خلال هذا الأسبوع، وبعد التخرج سيختفي داني ويغادر إلى كولومبيا، أما ريني فلن تلاحظ إدمان خليلها الجديد للشراب إلا بعد خطوبتهما، أما خطيبها فسينتظر للزواج حتى يبدأ بتعاطي الكوكايين ويبدأ بتعنيفها.
ستظل تلك القنبلة الأنبوبية نصب عيني فرانك ريد بقية حياته القصيرة، سيبقى في البيت لسنة أخرى ليعين والديه في الاعتناء بأخيه جيمي الذي لن يتمكن من التواصل الشفهي بجانب انعدام جدوى يده اليمنى. سيدبر فرانك وأصدقائه من المقلع عملية سطو على متجر جواهر، وأثناء تبادل إطلاق النار مع الشرطة سيصاب بطلقة في منتصف صدره وسينزف دمه بينما يرقد على سرير آخر من شظايا الزجاج والمعدن الملتوي.
ستتنشر المسامير والبراغي جراء انفجار القنبلة الأنبوبية بشكل دائري في ممر مدرسة هاريس الثانوية حيث ستجد من حوله يمشون على أطراف أصابعهم، وسيقول أحدهم: الحمد لله لم يكن هنالك أحد غيره عندما انفجرت، وشخص آخر سيومئ برأسه إيجاباً ويكشف للواقفين حوله حسنة انفجار القنبلة بداخل الخزانة، وسيصف كيف سيزداد الأمر سوءاً وإلى أي مدى سيصل انتشار الحطام لو لم تمتص الخزانة نصف قوة انفجار القنبلة، وكأي شخص آخر سيثني ويقول: لهي معجزة أن لم يصب الكثير من الناس!