الجمعة , 20 سبتمبر 2024 - 16 ربيع الأول 1446 هـ 5:36 مساءً
يطمئن بعض الناس إلى أن تكون حياته قصة، أما بعضهم يجدها فكرة بلهاء؟
فمن أي الفريقين أنت؟
لأوليفر ساكس قول شهير يذكر فيه أن: ”كل واحد منا يؤلف قصة ويعيشها، ونحن هذه القصص“ ولعالم النفس الأمريكي جيروم برونر قول مشابه كذلك، فيقول: ”إن الذات قصة نكتبها مرارًا وتكرارًا، وما نلبث حتى نصير القصص التي نعبر بها عن حياتنا“، ولأستاذ علم النفس الأمريكي، دان ب. ماك أدامز رأي في هذا، فيقول: ”كلنا حكاؤون، ونحن الحكايات التي نحكيها“ ويقول فيلسوف الأخلاق الأمريكي جي ديفيد فيلمان: ”إننا نختلق أنفسنا، وما نحن إلا ما نختلقه من شخصيات“، ويقول الفيلسوف الأمريكي دانيال دينيت: ”كلنا روائيون بارعون ننخرط في تصرفات كثيرة ثم نغطيها بقناع جميل كي ينسجم في قصة واحدة بديعة تكون هي سيرتنا الذاتية ونكون نحن أبطالها“.
هذا قول السرديون، إننا نقصّ عن أنفسنا وما نحن إلا هذه القصص، والإجماع على هذا الادعاء واضح في العلوم الإنسانية والعلاج النفسي لما للسرد الذاتي من ضرورة في حياة الناس.
لا أجد أنّ كل واحد منا يقصّ نفسه في قصة، ولا أجد ذلك مفيدًا، إن هذا الرأي ليس حقًا لا مراء فيه، وإن صح على بعض الناس أو أكثرهم، فالسرديون يعممون حالهم الخاص على سائر الناس، وأحسب أنها قد لا تصح حتى عليهم.
ومع غموض ما يعنيه هؤلاء السرديون بذلك إلا أن منا سرديين، وأعرّف السرديين هنا بأنهم من يقصّون عن أنفسهم وحياتهم القادمة ويتصوّرونها في سردٍ كأنها قصة واحدة أو قصص كثيرة، ثم يعيشون على هذا التصور، وما الرواج الذي لاقته هذه الفكرة إلا دليل ظاهر على وجود هؤلاء السرديين بيننا.
بيد أن كثير منا ليسوا سرديين بهذا المعنى، لأن الإنسان ضدّ الحكاية في تكوينه، فذاكرتنا فوضوية وعشوائية حتى حين نحاول أن نتذكر أحداثًا متعاقبة، بل إن هذه الفوضوية تعم شتى مناحي الحياة، وقد سماها الروائي الأمريكي هنري جيمس ”فوضى الحياة“، وهو وصف دقيق لحياة الإنسان، فالحياة لا تفرض علينا قصة، ولا يجدر بها حتى من جانب الأخلاق.
إن عزو الهيمنة إلى الذات سمة شخصية في بعض الناس دون الآخر، كما يقول عالم النفس الاجتماعي الأمريكي دانيال ويغنر، وقد دلت التجارب على أن أفكار من لهم ما يسميه "عاطفة التأليف" تختلف عن أفكار من هم على شاكلتي؛ أي ليس لهم مثل هذه العاطفة، ويشعرون بأن أفكارهم مجرد أشياء تحدث، وعلى هذا يتفاوت من يؤلفون ذواتهم عمن لا يؤلفونها، وهكذا تبدو فكرة التأليف حقيقية، أما تأليف الذات في الواقع - أي تقرير مصيرها في الحياة بكتابتها- ففيه نظر.
في العشرين عام الماضية وصفت الفيلسوفة الأميركية ماريا شيشتمان معنى أن تكون سرديًا وأن "يشكل المرء هويته" بالسرد الذاتي، وتؤكد الآن على أن السرد الذاتي قد يحدث ضمنيًا ولا شعوريًا، وهي بهذا تتراجع عن فكرتها الأصلية التي تقول فيها: ”على المرء أن يكون عنده رواية كاملة وواضحة [عن حياته] ليصل ذروة أطواره كإنسان“، ولعل للفكرة في صورتها الجديدة مسوغات أكثر، إذ يمكن لها أن تقول إن الناس قد يكونون سرديين مثلي لكنهم لا يعرفون ذلك أو لا يعترفون به.
وتؤكد شيشتمان في كتابها الأخير (البقاء على قيد الحياة، 2014) أن ”الناس يرون حياتهم نسيجًا واحدًا“ بطريقة تتجاوز وعيهم بأنفسهم كأفراد بيولوجيين محدودين ذوي سيرة ذاتية معينة، وقالت إنها لا تزال موقنة ”بأننا نرسم أنفسنا .... حين نطور ونفعّل السرد الذاتي (ضمنيًا في الغالب)، وهو العدسة التي نرى العالم من خلالها“.
ولا أحسبها محقة، فهذه الحالة ليست سائدة بين الناس العاديين، ولا أصدق هذا حتى بعد أن كتبت أن ”السرد الذاتي“ لا يصل إلى أن يروي المرء لنفسه أو لغيره قصة حياته واعيًا كل حين (أو أحيانًا)، بل إني لا أظن حتى أن ”للسرد الذاتي“ دور مهم في حياتي، مع أنني أعرف أن نظرتي العامة الحالية وسلوكي منوطان بميراثي ومكاني وزماني الاجتماعي والثقافي، لاسيما تربيتي المبكرة، وأعرف أيضًا أنني حين أستقل حافلة فإن رحلتي تتأثر بما دار بيني وبين س قبل الرحلة وبلقائي ص عند وصولي.
وأنا مثل شيشتمان - كما يقول جون لوك - ”مخلوق يرى نفسه على أنها نفسه، فهي المخلوق المفكر نفسه، مهما اختلف الزمان والمكان“، ومثلها أيضًا أعرف كيف ”تفسد المتاعب المنتظرة الفرحة الحاضرة“، ومع ضعف ذاكرتي إلا أنني على قدر من المعرفة بكثير من الأحداث في حياتي، فلا أعيش نشوة ”اللحظة“ بتعقل ولا بجنون.
بيد أني كالروائي الأمريكي جون أبدايك وكثير مثله، ”أشعر دائمًا بأن حياتي لتوّها ابتدأت“، ومع غرابة ألبرتو كاييرو - الشخصية الخيالية التي رسمها الكاتب البرتغالي فرناندو بيسوا ضمن 75 شخصية أخرى كتب باسمها- إلا أنه يصور مشهدًا مألوفًا حين يقول: ”في كل لحظة أشعر وكأني ولدت للتو في عالم متجدد دائمًا“، بعضنا يفهم هذا في الحال، أما الآخر فستعتريه الحيرة والشك، فتباين الناس متفق عليه.
وفي هذا يقول مكأدامز، وهو من رواد السردية في علم الاجتماع، في كتابه The Redemptive Self: Stories Americans Live by (2006):
في مراهقتنا وشبابنا نؤلف قصصًا عن أنفسنا، ننتقي فيها شيئًا من ماضينا وأماني مستقبلنا لنضفي على حياتنا شيئًا من الانسجام والغاية والهوية، فالهوية الشخصية هي قصة الحياة الكامنة والنامية في داخلنا، والتي نؤلفها أثناء نضجنا، فلا أعرف نفسي حق المعرفة حتى أعرف هويتي السردية.
إن صح هذا، فهو مدعاة للقلق لمن لا يؤمنون بالسردية إلا إن كانوا متصالحين مع انعدام الهوية الشخصية، ومدعاة للقلق أيضًا لمن وصفهم إريك إريكسون، عالم النفس التنموي، في كتابه Identity: Youth and Crisis المنشور عام 1968 حين قال:
إن الذات المركبة تتألف من عدة ذوات متنوعة، والتنقل بينها دائم وصادم، ويلزمه ذات متعافية، تأذن للأنا بأن تصرّح بهذه الأحوال المتباينة وتبرهن بأنها على قدر من التماسك.
وفي هذا تقول الفيلسوفة الأخلاقية الإنجليزية ماري ميدغلي في كتابها Wickedness المنشور عام 1984:
كان الدكتور جيكل محقًا حين قال: إن الواحد منا ليس واحدًا بل ناس كثر، فبعضنا يعقد اجتماعًا مع ذواته في كل مرة ينوي فيها فعل شيء يسير، حتى يجد الذات القادرة على فعله، إننا نكرس وقتنا وتفكيرنا للعثور على طريقة ننظم بها تزاحم الذوات داخلنا، والتوفيق بينها، وتنظيمها لتعمل ككل، والأدب يخبرنا أن هذه الحالة ليست نادرة.
يرى إريكسون وميدغلي أننا جميعًا هكذا، ويتفق معهما كثيرون، ربما من هم على شاكلتهم، لكن ميدغلي مشكورة أضافت بأن ”ثمة من لا يشعرون بهذا أبدًا، ويدهشهم سماعه لغرابته“، لكن علينا ألا نتبنى نظرية تؤيد حقيقة هؤلاء الناس، حتى لا نقيد الرسام بول كلي الذي كتب في مذكراته في بداية القرن العشرين:
إن نفسي زمرة مثيرة، فهنا يظهر واحد من أسلاف الأنبياء، وهنا يصرخ بطل وحشي، وهنا لاهٍ مخمور يجادل أستاذًا مثقفًا، وهنا شاعر غنائي عاشق يحدق في السماء، وهنا يسير البابا محتجًا، وهنا يصلح العم بين متخاصمين، وهنا تثرثر العمة، وهنا تضحك الخادمة بغنج، فأنظر إليهم مشدوهًا، والقلم في يدي، والأم الحامل تود مشاركتهم هذه المتعة، فأوبخها: ”صه! لستِ منهم، فأنتِ اثنان“ فتختفي.
أو الكاتب البريطاني ويليام سومرست موم، حين قال في كتابه A Writer’s Notebook (1949):
أعلم أني عدة أشخاص، وأعلم أن من يتزعمهم الآن سيفسح المجال لآخر، لكن أيهم الحقيقي؟ كلهم؟ أم لا أحد منهم؟
كيف سيكون حال هؤلاء إذا كان دعاة الوحدة السردية على حق؟ أظن أن عليهم البقاء على حالهم، فلعل الحشد داخلهم يشتركون في قصة ذاتية صاخبة، لكنهم حتى الآن لم يجدوا تفسيرًا لحالهم في فلسفات الوحدة الشخصية التي تبناها شيشتمان وهاري فرانكفورت وكريستين كورسغارد وغيرهم، وأحسب أن الروائي الأمريكي فرنسيس سكوت فيتسجيرالد مخطئًا حين قال في كتابه Notebooks (1978): ”ما كان لروائي عظيم سيرة عظيمة، وما ينبغي له، فالروائي إذا كان عظيمًا كانت فيه عدة أشخاص.“ إلا أننا نفهم ما يرمي إليه.
وشتان بين من يتذكر ماضيه دائمًا ومن لا يتذكره قط، وقد كتب الفيزيائي النمساوي أوتو فريش في سيرته الذاتية What Little I Remember (1979):” لقد غرقت في اللحظة الحاضرة، ولا أتذكر إلا ما يستحق أن يروى“ ويقول: ” لقد عشت دائمًا - كما قلت- هنا والآن، وقليلًا ما أنظر للصورة كاملة“ وأنا أتفق مع فريش إجمالًا مع أنني لا أتذكر الأشياء لأرويها.
أتفق عمومًا مع الفيلسوف الفرنسي ميشيل دي مونتين لاسيما فيما يتعلق بذاكرة السيرة الذاتية، حين كتب مقالًا بعنوان Of Liars (1580) قال فيه: ”إني لا أكاد أجد أثرًا لذاكرتي، وأظنها أضعف ذاكرة في العالم“، ويعلم مونتين أنه قد يساء فهمه، فهو مثلًا ”من أفضل الأصدقاء، بيد أنهم ظنوا اعترافي بضعف ذاكرتي دليلًا على جحودي، فحكموا على عاطفتي من ذاكرتي.“ وهذا خطأ ”لكني أستمد راحتي من عجزي.“
فضعف الذاكرة يحميه من الطموح الجامح، ويمنعه من الثرثرة، ويلزمه التفكير في نفسه إذ إنه لا يتذكر كلام الآخرين، ثم إنه ”لا يكاد يتذكر ما جرحه“.
ثم إن الذاكرة الضعيفة والطبيعة غير السردية لا تعيقان السيرة الذاتية بمعناها الحرفي؛ أي تدوين المرء حياته، ومونتين خير شاهد على هذا، فلعله أعظم من كتب سيرة ذاتية وأعظم من كتب عن نفسه مع أنه يقول:
لا شيء ينفرني من الكتابة كالإسهاب في السرد، فكثيرًا ما أتوقف لشعوري بأن هيكل أعمالي وتطورها ليسا جديرين.
إن مونتين يكتب ما لا يُحكى، وهذا هو ما يستحق الكتابة، ثم إنه محايد بكل ما تعنيه الكلمة، ومع فرط أمانته إلا أنه لا استعراض فيها ولا استعطاف، يكتب عَرَضًا سعيًا لمعرفة نفسه، يكلّم الورقة ”كما يكلّم أول من يقابله“، يعرف أن ذاكرته قد تخونه، فيخلص إلى أن أصل معرفة النفس هو معرفة جهلها.
ثمة جدل دائم حول الذاكرة، وقد أعجبتني دقة الكاتب البريطاني جيمس ميك حين وصف رواية Light Years (1975) للروائي الأمريكي جيمس سالتر فقال:
أغفل سالتر التنقلات والتفسيرات والسياقات السردية وهي الروابط الروائية التي لا وجود لها في ذكرياتنا الحقيقية، وترك لنا شذرات نتذكرها، منها الجميل والقبيح والتافه، شذرات مبعثرة لا رابط بينها إلا تعاقبها الزمني وأنها هي ما بقي.
ظن ميك أن هذا يصح على الجميع، بل وأن هذا هو السائد، وقد وجد سالتر في روايته أن ثمة تفكك في الحياة نفسها: ”لا حياة كاملة، بل شذرات، لقد ولدنا للعدم، لينسل كل شيء من بين أيدينا.“
وهذا أيضًا مألوف.
تأمل مرة عقلًا عاديًا في يوم عادي، تجده يتلقى أفكارًا لا تعد ولا تحصى، منها التافه والقيم، والعابر والخالد، تأتي من كل مكان، قطرات تهطل بلا توقف، وما إن تسقط حتى تتشكل في الحياة اليومية، ويقع أثرها، واللحظة الفاصلة لا تحدث هنا بل هناك، فلو كان الكاتب حرًا، يكتب ما يختاره لا ما يملى عليه، يعوّل على ما يشعر به لا على ما هو متفق عليه، لانعدمت الحبكة والكوميديا والتراجيديا والحب والكوارث، بل لن تجد حتى زرًا مخاطًا، فالحياة ليست مصابيح مرصوفة، الحياة هالة مضيئة، إنها ضمادة شبه شفافة تلفنا منذ الشعور الأول وحتى النهاية.
من الصعب أن تفهم تبعات هذا المقطع من مقال بعنوان Modern Fiction (1921) لفرجينيا وولف: إن من بيننا مغنين وملحنين، ومن لا يكتفون بقص ذكرياتهم علينا، بل يحكون حياتهم لحظة بلحظة، بيد أن المسرحي الإنجليزي هنري تايلور نوه في عام 1836: ”أن الرجل الخيالي عرضة لأن يرى قصة حياته في حياته، ومن ثم يسوس نفسه ليؤلف منها قصة عظيمة لا حياة عظيمة.“ وهذا معيب ومهدد للأخلاق، إنها وصفة للتزييف، وإن كان السرديون على حق وأن دوافع السرد الذاتي عالمية فإن هذا مدعاة للقلق.
والحمد لله أنهم ليسوا على حق، فمن الناس من يدهشك تذكره ماضيه، فقد اعتقد قديمًا أن الناس يتذكرون ماضيهم على نحو يحسّن صورتهم، لكن هذا ليس صائبًا، وقد فسره عالم النفس الهولندي فيليم واجينار في بحث بعنوان Is Memory Self-Serving? (1994) كما فسرها تولستوي عبر شخصية إيفان إيليتش على فراش الموت.
ويزعم فيليب لاركين في قصيدته Continuing to Live (1954):
في الوقت المناسب
يتجلى بعض شعورنا الأعمى
وراء أفعالنا كلها
يظن السرديون أن هذه في أصلها مسألة سردية، وتفسير سردي لحياتنا، لكن كثير منا لا يتجلى له شيء مما تجلى للاركين، ولا نعرف إلا شذرات، لا قصة.
ثم يفزعنا لاركين مجددًا حين يزعم أنك:
حين تسبر أغوار عقلك
يتجلى مرادك كقائمة طلبات
لأننا حتى بعد أن يتقدم بنا العمر لا نعرف ماذا نريد، فأنا لا أعرف من أو ما أنا، لا لأنني أريد أن أكون مثل مونتين، أو لأني قرأت الجهل السقراطي، أو ما يقوله نيتشه عن الجلود في كتابه Untimely Meditations (1876):
كيف يعرف الإنسان نفسه؟ فالإنسان غامض وعويص، فللأرنب سبعة جلود، أما الإنسان فلو انسلخ من جلده سبع مرات وفي كل مرة يسلخ عنه 70 جلدة لما أمكنه أن يقول: "هذه أناي الحقيقية، لم تعد غطائي الخارجي."
ويكمل حديثه قائلًا:
وإنه لأمر مؤلم وخطر أن تسبر أغوار نفسك هكذا، وأن تنقب في دواخلها، فقد تلحق بنفسك أذى لا يداويه طبيب، وما الداعي لهذا ما دام كل شيء شاهد على وجودنا، صداقاتنا وعداواتنا، سمْتنا وتحيتنا، ذكرياتنا ومنسياتنا، كتبنا وخطوطنا.
وحري بي أن أكمل كلامه، إذ أثار الريبة في نفسي حين قال:
بيد أن ثمة وسيلة للمضي في هذه الغاية العظيمة، فأطلق العنان لروحك اليافعة لتسترجع حياتها وتسأل نفسها: ماذا أحببتِ حقًا؟ ما الذي سما بروحك؟ ما الذي استحوذ على روحك وأسعدها؟ اسرد أشياءك الأثيرة أمامك، فلعلها بحقيقتها وتسلسلها تهبك دستورًا؛ الدستور التليد لأناك الحقيقية.
”فلعلها بحقيقتها وتسلسلها تهبك الدستور التليد لأناك الحقيقية“، وما أسهل أن نؤيد هذا القول! فهو أعظم ما ارتآه مارسيل بروست، وألبير كامو، لكن نيتشه كان دقيقًا حين قال: ”فلعلها بحقيقتها وتسلسلها تهبك .... الدستور التليد لأناك الحقيقية.“ وهنا علي أن أخالف نيتشه أو أن أوافق السرديين في: أهمية فهم التسلسل في طريقنا لفهم ذواتنا.
أتفق معهم، فالنظر في التسلسل - أو القصة إن أردت - قد تنفع بعض الناس في بعض الحالات، بيد أن فهم أكثرنا ذواتهم يأتي إربًا وشذرات، ولا يعني هذا أني متفق مع الرأي السائد المذكور آنفًا؛ الرأي الذي عبر عنه ساكس بقوله: إن حياة الناس كلها حياة مكتوبة، وأن كل واحد منا يؤلف قصة ويعيشها، وهذه القصة هي نحن.