الخميس , 03 أكتوبر 2024 - 29 ربيع الأول 1446 هـ 3:48 مساءً
ترجمة: فاطمة القحطاني، ذكرى البوعينين، فيّ الشمري، آريج العنزي، عفاف الفيفي.
الحفاظ على الكائنات الحية والأنظمة البيئية ليس بكافِ، بل ومن واجبنا الأخلاقي أن نهتم بكل حيوان على وجه الأرض.
كانت استراليا تحترق في وقت كتابة هذا التقرير. وقد أسفرت هذه الحرائق عن مقتل ما لا يقلّ عن 25 شخصاً وأكثر من مليار حيوان. إن جميع الحيوانات وخاصة الكوالا في خطر وذلك لأن ردة فعلها الطبيعية لمواجهة أي خطر يهدّد حياتها هي تسلق قمم الأشجار مما يجعلها أكثر عرضة للخطر في حال نشوب الحرائق. ولذلك فقد مات ما يقارب 25 ألف كوالا حتى الآن، وسيموت عدد أكبر خلال الأسابيع المقبلة.
اجتاح إعصار فلورنس ولاية كارولاينا الشمالية في عام 2018 وأودت الفيضانات بحياة 59 شخصاً على الأقل والكثير من الحيوانات من بينهم ما لا يقل عن 3.4 مليون حيوان من الماشية وعدد غير معروف من الحيوانات البرية. وبما أن الماشية تعيش في الحضائر فهي لم تتلقّى المساعدة منّا فحسب، بل لم يكن لديها أي وسيلة لتساعد نفسها. فمع ارتفاع منسوب المياه لم يلتفت أحدٌ إليها وتركت لتواجه مصيرها، وكانت نتيجة ذلك متوقعة.
يتسبب تغير أحوال الطقس عموماً في معاناة الحيوانات وموتهم في مختلف أنحاء العالم. فالخنازير تتضور جوعاً في صحراء كالاهاري بسبب زيادة الجفاف، والدببة السوداء في الولايات المتحدة غير قادرة على السبات بسبب ارتفاع درجة الحرارة التي توقظها وتمنعها من النوم وقد انقرضت الجرذان المرجانية الأسترالية بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر. وفي كل عام يموت عددٌ لا يحصى من الحيوانات المائية بسبب تحمض المحيطات.
إن التغيرات المناخية الناتجة عن الأنشطة البشرية تعمل على زيادة حدّة هذه الحوادث. ومع ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية، يمكن أن نتوقع ارتفاع في مستويات سطح البحر، وزيادة في حدّة الظواهر الجوية المتطرفة (شديدة القوة) والفيضانات على المناطق الساحلية والصراعات الإقليمية على الأراضي والمياه والغذاء. ستتمكن بعض الحيوانات من التكيف مع هذه الظواهر إلاّ إنّ العديد من الحيوانات الأخرى لن يتمكن من ذلك. وإذا استمرينا بفعل ما نفعله اليوم فسنُعرض ملايين الملايين من الحيوانات على مدى قرن قادم إلى الهلاك بسبب المرض والطقس وانهيار النظام البيئي.
إن النشاط البشري يلحق الضرر بالحيوانات من جوانب أخرى عديدة. فنحن نستولد ونقتل ما لا يقل عن 100 مليار حيوان سنوياً لتأمين الغذاء، ونقتل ما لا يقل عن 115 مليون حيوان سنوياً لأغراض بحثية. إن صيد الأسماك يقتل من 1 إلى 3 تريليون حيوان سنوياً، وعمليات إزالة الغابات تدمر المواطن البيئية للحيوانات، وتتسبب أجهزة نفخ الهواء والتلوث الضوئي في قتل الحشرات. وفي هذا العام، أصيب أو قتل أكثر من 300 طائر في ولاية كارولاينا الشمالية في ليلة واحدة نتيجة ارتطامهم بالمباني.
إن هذه الآثار تجعلنا نتساءل: ماذا ندين -وأعني هنا أثرياء العالم- للحيوانات في ظل هذه الكارثة البيئية التي يسببها البشر؟ أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال واضحة. فإذا كانت أفعالنا تضر بالحيوانات، فإن مسؤوليتنا هي محاولة الحد من هذه الأضرار أو تداركها. ولكن هذا لن يكون بالمهمة السهلة على الإطلاق. ولن يتطلب الأمر الوقت والطاقة والمال فحسب، بل سيتطلب أيضاً تغييراً اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً جذرياً.
يدرك عدداً من الناس حتمًا بأن النشاط البشري يؤثر على الكائنات الحية والأنظمة البيئية. فعلى مر التاريخ ينقرض نحو نوع واحد من الكائنات الحية سنوياً وتزيد معدلات الانقراض الحالية عن ذلك بما يقارب الألف مرة، ويتوقّع أن تزيد هذه المعدلات بنحو عشرة آلاف مرة مستقبلاً. وذلك يجعل بعض الناس تخشى أن تؤدي تلك الخسارة في التنوع الحيوي، بالإضافة إلى التغيرات البيئية الأخرى، إلى انهيار النظام البيئي واختلال الخدمات التي تدعم الحياة على مستوى العالم.
وقد يظن البعض أنّه إذا ما حافظنا على الكائنات الحية والأنظمة البيئية، فإننا سنحمي الحيوانات أيضاً. قد يساعدنا الحفاظ على الكائنات الحية والأنظمة البيئية قد في حماية الحيوانات ولكنها ليست كافية. فالحيوانات ليست جزءً من مجموعة كقطرات الماء أو حبيبات الرمل. إن الحيوانات كائنات تعيش وتتنفس وتفكر وتشعر، وما تحتاجه بعض الحيوانات يختلف عمّا تحتاجه الحيوانات الأخرى فكل حيوان له احتياجاته الخاصة.
ولمعرفة احتياجات الحيوان الفردية والجماعية، فكر في احتياجاتنا نحن بني البشر. فلنفترض أن بقاء البشرية جيلًا آخر أمرٌ مضمون، هل يضمن ذلك الحياة الكريمة لجميع البشر؟ بالطبع لا. فمن الممكن أن يعاني الكثير من البشر ويموت الكثير منهم دون مبرر حتى لو بقيت البشرية. فإذا أردنا أن نهتم بالبشرية على المستوى الفردي والجماعي، فعلينا أن نعتني باحتياجات الإنسان على كلا المستويين. وينطبق الشيء نفسه على الحيوانات.
إن الحيوانات تعيش حياة صعبة بطبيعة الحال فهم يعانون ويموتون باستمرار لأسباب طبيعية مثل الجوع والعطش والمرض والإصابة والافتراس ولأسباب بشرية مثل الزراعة والأبحاث والترفيه وإزالة الغابات والتنمية. ولقد ازدادت تلك الأخطار والتهديدات مع تغير المناخ. وهذا يعني أن لدينا سببين لمساعدة العديد من الحيوانات: السبب الأول هو أنهم يعانون ويموتون، وأننا مسؤولون عن ذلك إمّا جزئيًا أو كليًا وهذا هو السبب الآخر.
وأرى أنه ينبغي علينا أن نسعى إلى الحد من معاناة الحيوانات بقدر ما نستطيع، سواءً تسببنا في ذلك أم لا. وإذا استطعنا مساعدة الحيوانات المتضررة دون أن نضحي بأي شيء نفيس، فعلينا إذن فعل ذلك. فلنفترض أنك رأيت غزالةً تغرق في بحيرة، ويمكنك مساعدتها دون التضحية بأي شيء على الإطلاق. هل يجب أن تساعدها؟ أظن أنه يجب عليك مساعدتها. وإن دلّ تفاعل المجتمع مع مقاطع الفيديو التي تصور مواقفاً متعددة لإنقاذ الحيوانات والتي تنتشر عبر سائل الإعلام على شيء، فإنّها تدل على إن الكثير يتفق معي بهذا الشأن.
حتى لو لم نصل إلى ذلك البعد، فلا يزال علينا المحاولة للحد من معاناة الحيوانات عندما نتسبب في ذلك على الأقل. فلنفترض أنك تبني حوض سباحة في حديقتك ثم رأيت غزالةً تسقط فيه على أنّك متأكدٌ من تغطيته. فهل يجب عليك إنقاذها إذا كان ذلك لا يكلفك شيئاً أبداً؟ الإجابة نعم بالتأكيد. فأنت في هذه الحالة لم تمنع شيئًا سيّئاً من الحدوث، بل تسببت في حدوث الشي السيئ ومن ثمّ حاولت تخفيف ذلك الضرر.
قد تبدو فكرة أننا يجب علينا تحمل مسؤولية أفعالنا فكرة بسيطة ولكن لها آثاراً جوهرية في عالم نحن السبب وراء معاناة الكثير من الحيوانات التي تعيش فيه. ففي بعض الحالات، نحن من يتسبب بمعاناتهم بشكل فردي ومباشر مثل عندما نصطدم بأحدهم بالسيارة. وفي حالات أخرى نتسبب في معاناة الحيوانات بشكل جماعي غير مباشر ما نفعل عندما نساهم في إحداث التغيرات المناخية. وإذا كان علينا تحمل مسؤولية أفعالنا فإنه يتحتم علينا في كلتا الحالتين أن نقلل من زيادة معاناة الحيوانات.
ولكن بعض الناس يجادل في هذا بزعمه أن مساعدة الحيوانات لن تجدي نفعاً، فإذا ساعدنا الحيوانات قد نغير من أشكال معاناتها وأسباب موتها ولكننا لن نجنبها المعاناة أو الموت. بل وقد ينتهي بنا الأمر إلى إلحاق الضرر أكثر من جلب النفع فقد نحدث تغييرات في سلاسل الغذاء ومستويات السكان وغيرها من سمات النظم البيئية الطبيعية.
حتى لو لم نستطع أن نجنب الحيوانات المعاناة والموت فلا يزال بإمكاننا تخفيف معاناتهم وتأخير موتهم
قد يحتمل هذا الرأي شيئاً من الصحة، فإن الحيوانات نشأت لتعاني وتموت. يعيش عدداً من الحيوانات على حيوانات أخرى، ويتكاثر البعض الآخر بإنجاب آلاف الأطفال ومن ثمّ يموت معظمهم مباشرة. وبالطبع فإن الاصطفاء الطبيعي والذي يشمل الجوع والعطش والمرض والإصابة والافتراس والفيضانات والحرائق وما إلى ذلك هي جزء مما يحافظ على عمل النظم البيئية. ولذلك نحن نواجه أخطاراً أخرى لا محالة، منها أن محاولة مساعدة بعض الحيوانات لن تؤدي إلاّ إلى معاناتها فيما بعد. وهناك أيضًا خطر يتمثل في أن مساعدة بعض الحيوانات ستؤدي إلى معاناة حيوانات آخرين وذلك لأننا إمّا سنحرمهم من غذاء أو سنجعل منهم غذاءً لغيرهم أو سنغير النظم البيئية التي تعتمد عليها العديد من الحيوانات.
يؤكد تاريخنا في التدخل في الأنظمة المعقدة هذا القلق، فالبشر جميعًا على استعداد تام للتدخل في الأنظمة التي لا يفهمونها وذلك لتحسينها وفقًا لمعاييرنا. فعندما نبدأ في مثل هذه المشاريع قد تكون نوايانا حسنة ولكن يمكن أن ينتج عنها آثاراً سيئة والتي تعكس مدى غطرسة الإنسان. يمكن أن نرى ذلك في أعمال البشر الاستعمارية لإعادة تشكيل بعض المجتمعات البشرية لتتماثل مع غيرها وكثيراً ما ينتج عن ذلك أثاراً كارثية. ونرى ذلك أيضاً في الجهود المتمحورة حول الإنسان والتي تهدف إلى إعادة تشكيل المجتمعات غير البشرية لتشابه المجتمعات البشرية وكثيراً ما ينتج عن هذه الأعمال آثاراً كارثية مماثلة.
حتى لو كان لا مفر من المعاناة والموت فما يزال بإمكاننا تخفيف المعاناة وتأخير الموت. فإذا جرحت شخصًا واستطعت علاجه فسيكون من السخف أن ترفض مساعدته باعتبار أنه قد يصاب بأي طريقة أخرى لاحقاً. كما لو عرضت حياة أحدهم للموت وكنت تستطيع إنقاذ حياته فسيكون من السخف أن ترفض مساعدته بحجة أن الجميع يموتون في النهاية. و يعكس ظهور هذا الأمر بوضوح في الحالة البشرية أكثر من الحالة غير البشرية أننا ما زلنا نعجز عن رؤية كل حيوان بشكل فردي.
حتى لو كانت بعض طرق مساعدة الحيوانات تعبّر عن الغطرسة التي تضر أكثر مما تنفع، فإن هناك سبلاً أخرى تعبر عن اهتمامنا بالحيوان وهذا من شأنه أن يجلب النفع أكثر من الضرر. وبشكل عام فإن إدراكنا بأن أفعالنا يمكن أن تضر بالحيوانات هي أيضًا سبب للتصرف بشكل مدروس وليس سببًا لعدم التصرف -خاصةً أن التكاسل عن العمل قد يكون ضارًا أيضًا. وكذلك علينا أن نتقبل الحيوانات بظروفها. كما إننا بحاجة إلى معرفة المزيد عن كيفية تأثير أنشطتنا عليها. وينبغي علينا أن نسعى إلى إحداث تغيير هيكلي بتوسيع أنظمة الدعم الاجتماعي بحيث تستوعب جميع الحيوانات.
تغير المناخ مهم للغاية لنقبل بأنصاف الحلول
يشعر كثيراً من الناس بالقلق اتجاه برامج كقرين نيو ديل لأنها طموحة للغاية، بينما أخشى أنا أن هذه البرامج ليست طموحه بما فيه الكفاية، فنحن مسؤولون عن تخفيف آثار المناخ والمساعدة في التكيف معه وتقديم الدعم العام لكل كائن يتأثر بنشاطاتنا، وليس فقط لأفراد أمتنا أو جيلنا أو جنسنا. أعلم أن ذلك لن يكون أمراً سهلاً ولكن بتكاتف الجهود يمكننا أن نحقق ذلك في سبع خطوات سنذكرها فيما يلي:
١- الحد من تأثيرات نشاطنا على الكائنات الأخرى قدر الإمكان. على سبيل المثال، يمكننا أن نوقف دعم الزراعة الحيوانية الصناعية، التي تتسبب في قتل المزيد من الحيوانات وتستهلك المزيد من الأراضي والمياه والطاقة وتتسبب في زيادة نسبة التلوث والانبعاثات الكربونية أكثر مما تسببه البدائل النباتية. ويمكننا أيضًا منع الصيد الصناعي وإزالة الغابات التي تضر وتقتل تريليونات الحيوانات سنويًا، وتتدخل في المجتمعات البشرية وغير البشرية وتدمر أنظمة تخزين الكربون الطبيعي.
٢- البحث في كيفية الحد من معاناة الحيوانات بطريقة أخلاقية وفعالة. ستستند بعضاً من هذه الأبحاث على أسس علمية مثل دراسة كيف سيؤثر تغير المناخ على الحيوانات وكيف ستؤثر برامج التخفيف من آثار التغيرات المناخية ومحاولات التكيف معها على هذه الحيوانات؟ وسيستند البعض الآخر من هذه الأبحاث على أسس أخلاقية كتلك التي تركز على ماذا يجب أن نفعل إذا كان يتحتم علينا الاختيار بين ما تحتاجه بعض الحيوانات وما تحتاجه الحيوانات الأخرى، أو بين ما يحتاجه أفراد الفصائل الحيوانية وما تحتاجه المجموعات؟
٣- تعزيز فكرة أن جميع الحيوانات تعنينا من الناحية الأخلاقية وأنه من واجبنا ألّا نلحق بهم الأذى بلا ضرورة وعلينا الحد من تأثير هذه الأضرار أو معالجتها عندما نقوم بها. ولتحقيق هذه الغاية علينا أن ندعم المجتمعات والأنظمة البيئية المحلية والحيوانات التي تعيش فيها والعمل معهم لتطوير حلول فعّالة ومقبولة لدى المجتمع ومبنية على احتياجات كل مكان بعينه.
٤-ولأنّ الحيوانات ستتضرّر سواءً إن بقيت في البرية أو أدخلت إلى مزارع الأسر، ينبغي علينا التفكير في حلول وسطية. على سبيل المثال، يمكننا إنشاء وتوسيع المحميات والملاجئ، حيث يمكن للحيوانات ان تكون حرة سواءً في غياب أو حضور الرعاية البشرية. ويمكننا أيضاً زراعة غابات جديدة لامتصاص الكربون وإنشاء أنظمة زراعية نباتية لتوفير الغذاء وتوفير وسائل إنسانية لإدارة الحيوانات البرية التي ستعيش هناك.
٥- التفكير في مصلحة الحيوان عندما نُجري تغييرات في البنية التحتية. فعلى سبيل المثال، العمل على إنشاء الموائل والمحميات والجسور والمباني وإنارة الشوارع للحدّ من خطر الاصطدام بالحيوانات. وكذلك توسيع أنظمة الزراعة في المناطق الحضرية القائمة على النباتات والتي ستوفر فرص عمل محلية، وتجميل المساحات العامة وتنقية الهواء وتعزيز الأمن الغذائي وإنشاء موائل للحيوانات البرية ورعاية جميع انواع الفصائل.
٦- وفي هذا الصدد يمكننا أن ندعم إجراء تغييرات مفيدة في السياسات، فعندما نطور نظامنا التعليمي مثلاً يمكننا استخدام المناهج الدراسية للتركيز على مواضيع مرتبطة بطبيعة الحيوانات والبيئات وكيف نستطيع حمايتها. وعندما نعمل على توسيع نطاق برامج الأعمال العامة سنتمكن من مساعدة الأشخاص على الانتقال من العمل الذي يساهم بإلحاق الضرر بالحيوانات والبيئة إلى العمل الذي يساهم في مساعدتهم.
وفي سعينا لتطبيق هذه االمقترحات ينبغي علينا تحقيق التوازن بين تجنب المخاطر وتحمل المخاطر. وبما أننا ندرك بأننا نلحق الضرر ببعض الحيوانات بالفعل، فإن عدم التدخل بحلول إيجابية لم يعد خيارًا متاحاً. والسؤال الوحيد الذي يتبادر في ذهني الآن هو متى ستتوقف تدخلاتنا عن الأنانية وتصبح في صالح الحيوان ولو جزئياً على الأقل؟ ومن المؤكد أنه كلما تصرفنا بشكل أسرع، ازدادت نسبة تسببنا في أضرار جديدة، وكلّ ما تأخرنا في التدخل سمحنا بزيادة انتشار الأضرار التي قد تسببنا فيها.
ليس هناك موعد نهائي لمعالجة ظاهرة تغير المناخ تماماً، لكن هناك مواعيد مختلفة للانتهاء من المشاريع التي تعمل على معالجتها. ولكن مهما كانت المواعيد التي حددناها لمشاريع معينة، يجب علينا أن نضع نصب أعيينا الاحتياجات البشرية وغير البشرية. فلو كان عام 2030 مثلاً هو الموعد النهائي للانتهاء من مشروع تحسين كفاءة مواد البناء في استخدام الطاقة، إذًا يجب أن يكون هذا هو الموعد النهائي لتحسينها أيضاً بشكل يقلل من آثار اصطدام الطيور بها، حيث إن العمل على هذه التحسينات في وقت واحد يوفر الجهد والمال.
قد يعارض بعض مؤيدي برامج التغير المناخي كقرين نيو ديل اقتراحي هذا، لأنهم يعتقدون أنه جعل هذه البرامج تبدو مثالية أكثر ممّا بدت عليه أمراً سيئاً. ولكن التغير المناخي يهمّنا كثيراً لنقبل بأنصاف الحلول. ولنواجه هذا التحدي ينبغي علينا أن نبدأ برؤية واضحة وحازمة لمستقبل عادلٍ مستدام. وأي رؤية تستبعد أكثر من 99 في المئة من ضحايا تغير المناخ ستفشل فشلاً ذريعاً منذ بدايتها.
يشكّل التغير المناخي الذي يتسبب به الإنسان تهديداً وفرصةً في الوقت ذاته، فكوكب الأرض سيتغير بانتظام معرّضاً مليارات البشر وملايين من غير البشر لمخاطر وأضرار متنوعة. وفي الوقت ذاته يكشف لنا هذا التغير عن عجز أنظمتنا الحالية، وعن حاجتنا إلى أنظمة جديدة وطرق جديدة للتعايش على مستوى الدولة ذاتها وبين الدول وبين الأجيال ومختلف الكائنات والأمم والأجيال والأجناس. وستخلق لنا مثل هذه الأنظمة الجديد فرصاً لجعل العالم مكانًا آمناً لجميع الفصائل، إنها حقاً فرصة ينبغي علينا اغتنامها.